"الشرق الأوسط الجديد" (1)- سوريا: مجرد أنقاض
مما تبقى في نهاية أربع سنوات
الحرب الأهلية السورية دخلت عامها الخامس. وهي من أسوأ
الحروب التي حصلت في العهد الحديث.
هذه الحرب التي بدأ بها الأسد بوحشيته ودخلت عليها داعش
البربرية, تذكرنا بالمأساة والدمار الذي حصل في مدينة دريسدن الألمانية
خلال الحرب العالمية الثانية.
حرب الجميع
لم تبق دولة ولم تشارك هذه الحرب التي دخلت عامها الخامس
في سوريا عدا السوريين, وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تعارض النظام وتحاربه من
جهة وتؤيده عن طريق مؤيدي النظام إن كان شفوياً أو فعلياً على أرض الواقع من حهة
أخرى.
من جهة نجد حزب البعث وحزب الله والميليشيات الشيعية
والايرانية الذين يضعون نصب أعينهم كل شيء في سبيل البقاء على سدة الحكم, ومن الجهة المقابلة هناك داعش أو تنظيمات متطرفة
كثيرة شبيهة بداعش أو مجموعات متعلقة بأجندة دول داعمة لتسيير أهدافها على أرض
الواقع متنكرة بزي المعارضة المعتدلة.
الشيء الوحيد المطلوب هو معارضة موحدة
الأمر الوحيد الذي لم يحصل على أرض الواقع خلال أربع
سنوات مضت هو توحيد المعارضة, لم يبق مما ظهر من المعارضة السورية سوى "اسم
الجيش السوري الحر" لا أكثر.
هل كنا قادرين على أن نتوقع كل هذا قبل أربع سنوات؟
قسم منه أجل حتى لو لم يكن كل ذلك. أي أننا كنا نعلم بأن
النظام لن يسلم السلطة خلال بضعة أشهر وكررنا ذلك كثيراً.
وضعية التساوي
بعد انقضاء أربع سنوات يظهر وضع إنساني رهيب, موازين
الحرب متساوية في الدموية والدمار... بعض الأطراف المتناحرة مثل بعض المجموعات
التي يتم استخدامها من قبل أطراف خارجية, أو بعض المتسلقين على أساس مذهبي, يجعل
المسيحيين وبعض الأديان الأخرى التي هي من مكونات شرق الأوسط القديم في خطر طرد من
المنطقة مثلما فعله تنظيم داعش البربري الذي يحارب الأكراد الذين يمنعونهم من
القيام بذلك..
هناك حالة متوازية في سوريا.
جميع من على ساحة القتال لا يسمح بإنشاء سوريا جديدة,
ولن يسمحوا بذلك. لا الأسد ولا الاسلاميين المتطرفين أو السلفيين كما النصرة
وأحرار الشام وغيرهم. لا تقوم التنظيمات بشيء مفيد على أرض الواقع ولن تقوم بذلك. لأنه
لا يوجد تنظيم من بينهم له قدرة مقومات الدولة ولا رؤياها. كل طرف يحمي سياسة
الدولة التي يحصل على الدعم منها. لا أحد بينهم يعمل لنفسه. وتأسيس جيش سوري حر من
الآن فصاعداً بات أمراً صعباً جداً.
تجربة العراق وليبيا
واضح بأنه لن يقوم أحد بمحاربة الأسد قبل التخلص من
داعش. تصريحات وزير الخارجية الأمريكية حول "علينا
التفاوض مع الأسد" لم تكن عن هباء والتي تراجع عنها فيما بعد. لأن
الولايات المتحدة حتى وإن لم تجلس مع الأسد على نفس طاولة المفاوضات فإنها تقصد بالنظام
ومقوماته لأن مؤسسات الدولة هشة جداً وهي على شفة الانهيار. والنموذج العراقي خير
مثال على ذلك.
الولايات المتحدة قبل أربع سنوات حثت تركيا والعديد من
الدول بمكافحة داعش قبل الأسد, لأن ذلك سيخلق التجربة الليبية على أرض الواقع. ولا
أحد يريد التدخل في سوريا لو حصل فيها ما حصل في ليبيا.
كما تتذكرون أثناء مهاجمة "مقاتلو الحرية" الليبي
السفارة الأمريكية وقتلهم السفير أدى إلى تغيير الكثير من الأمورة. لم تعد توجد
هناك حكومة تذكر في ليبيا الآن. وهي دولة منتهية بالنسبة لتركيا أيضاً. حتى لو
كانت الولايات المتحدة تستخلص الدروس من كل هذا فإن النتيجة على أرض الواقع هو
بهذا الشكل.
الأوضاع تغيرت
الغريب في الأمر أنه ما زال هناك أشخاص يفكرون كما قبل
أربع سنوات بأن الحالة ستنتهي بعد بضعة أشهر, ولكن الوضع تغير كثيراً.
يقال "من كان يتوقع أن يظهر تنظيمات كما
داعش". أو لنسأل سؤالاً آخر "من كان يتوقع حتى لو كان تقنياً بأن
تلتق ايران والولايات المتحدة في نقطة معينة؟"
الاستعجال في الحرب السورية أمرٌ لن يفيد أحد بشيء. لأن
هذه الحرب المهيبة لن تنتهي وهي بهذا الشكل.
لا نستطيع أن نختار بعد كل ما حصل هذا الطرف أو ذاك, لأن
الأمر المطلوب في هذه الفترة هو العمل على المصالحة فقط. لن يستطيع أحدٌ الخروج من
هذه الحرب الشنعاء بفوز لا الأسد والمعارضة ولا الأطراف التي تحصل على الدعم
الخارجي. وإن لم يقبل أحدٌ المصالحة بين الأطراف فإن الحرب ستستمر ليست أربع سنوات
أخرى بل سنوات طوال جداً, هذا ما تدل عليه المؤشرات وموازين القوى في المنطقة.
أجل هنا "الشرق الأوسط الجديد" ولكن
اللاعبين القدامي والأطراف المستخدمة من قبل الآخرين كما قطع الشطرنج موجودة
أيضاً.
البعض إلى الآن لا يعرف كيف كان الشرق القديم جيداً, ولا
يستوعب "الشرق الأوسط الجديد".
ترجمة: مصطفى شاهين
Hiç yorum yok:
Yorum Gönder